كم هو مُفرِحٌ وجميلٌ الانتماء للكنيسة الكاثوليكية الغنية بتقاليد ليتورجية رائعة، مُرتَبِطَةٌ كلُّها فيما بينها بِرباطِ شركةٍ عميقة.
هذا ما عِشناهُ يوم الأحد الماضي الموافق ۱٨ أيّار في كنيسة بيت الجليل، حيثُ خطا ثلاثة إكليريكيين، اثنان منهم مَلكِيَّان والآخر مارونيّ، خطوتهم الأولى نحو سرّ الكهنوت. وهذا كان في احتفال ليتورجِيّ فيه تَمَّ منح درجة القارئ للإكليريكيَّيْن شادي جوزين، من قرية معليا، ورامي دكور، من قرية فسوطة، بحسب الطقس البيزنطي؛ وأمّا الشابّ المارونيّ، رودي نورا، فقد رُسِمَ مرنّمًا وقارئًا بحسب العلامات الطقسية المارونيّة. إنَّ عائلة رودي، وهي لبنانيّة الأصل، استقرَّت منذ عام ٢٠٠٠ في مدينة نهاريّا، في إسرائيل. شادي ورامي ورودي هم أوَّل ثلاثة شبّان ينتمون إلى الكنائس الشرقيَّة الكاثوليكيّة يتمّ تحضيرهم في إكليريكيّة أمّ الفادي في الجليل.
ترأسَ القدّاس الإلهي المونسنيور جول زريعي، مطران القدس للروم الكاثوليك، وهو كذلك النائب البطريركي؛ حضر أيضًا المونسنيور موسى الحاج، رئيس أساقفة الموارنة لأبرشيّة حيفا والأرض المقدّسة والمدبّر الرسولي لأبرشيّة الروم الكاثوليك (وهو، لذلك، الرئيس العام للأبرشيّة التي ينتمي إليها الإكليريكيّون) كما أيضًا المونسنيور الياس شقّور، رئيس أساقفة الروم الكاثوليك للجليل سابقًا. كان الاحتفال رائعًا وقد جَمَعَ، في شركةٍ عميقة، جماعة مُؤَلَّفَة من أشخاصٍ أتَوا من أكثر مناطق العالم اختلافًا. عدا عن كهنة ومُكَرَّسِي الأرض المقدسة وأقارب الذين نالوا الرسامة والموعوظين الجُدُد المنتمين إلى مختلف جماعات الجليل، حضر الاحتفال أيضًا إخوة بيت الجليل المُرسلون وهم يشكلون حقًّا جماعةً دوليَّةً. وكذلك إكليريكيّة أمّ الفادي، التي ينتمي إليها الشُبَّان الذين أتمّوا هذه الخطوة الأولى والمُهِمّة في مَسيرتهم نحو الكهنوت، هي بِحَدِّ ذاتِها دُوَلِيَّة. يتمُّ تحضير شادي ورامي ورودي ليكونوا كهنةً أبرشيين، كلٌّ بحسب طقسه، وفي الوقت ذاته لديهم الاستعداد، بعد رِسامتهم، للانطلاق في إرساليّة إلى حيث يتمّ إرسالهم.
“ليست هناك أيّة حُدود قَوميّة أو وَطَنية لرسالتكم” – أكَّدَ المونسنيور موسى الحاج، الذي ألقى عظته خلال الاحتفال – “لأنَّ الربَّ قال لنا: “لم تختاروني أنتم، بل أنا اخترتكم”. وأمّا المونسنيور يوسف جول زريعي، ففي ختام الاحتفال، أبرَزَ كيف أنَّ كلّ القراءات والاحتفالات الليتورجِيَّة تبلغ تمامها واكتمالها في عيد عظيم للكنيسة،، ألا وهو عيد العنصرة القريب. إنَّ مدير الإكليريكيّة، الأب فرانشِسْكو جوزُوِي ڤولتاجو، وهو كاهنٌ تحضّر للكهنوت في إكليريكيّة أمّ الفادي في روما ورَسَمَه القدّيس يوحنّا بولس الثاني، شارك في الاحتفال الليتُورجِيّ باللغة العربية. وقبل بداية الاحتفال شكر المدير الأساقفة على حضورهم وشكر كذلك الأب رينو رُسِّي، مدير بيت الجليل، وهو المسؤول، مع فريق الكارزين المرافق له، عن طريق الموعوظين الجديد في الأرض المقدسة. تم التعبير عن الفرح والشركة اللذين لَمَسناهُما في الاحتفال من خلال وليمة محبّة (أغابي) في الختام، وقد تخللتها أغانٍ باللغة العربية ولغات أخرى خلقت جوًّا من البهجة.
كانت هذه الليتورجية التي احتُفِلَ بها في بيت الجليل حقًّا حدثًا تذكاريًّا، ولا أَفضَلَ من ذلك كتحضيرٍ لاستقبال البابا فرنسيس الذي جاء حاجًّا إلى الأراضي المقدسة في الأسبوع الذي عَقِبَ الاحتفال. نحن نعيش، في هذه الأماكن، سلسلة أحداث خَطَّتْهَا يَدُ العناية الإلهية. أضِف إلى ذلك أنَّه في ١٤ حزيران المُقبِل ستتم سيامة أربعة كهنةٍ جُددٍ لبطريركية اللاتين، وهم أيضًا آتون من إكليريكية أم الفادي في الجليل.
پيير لويجي فورناري، صحفي A vvenire ، إيطاليا.