في كنيسة أورشليم الأم يشع نور الفصح
الجليل – نال الأب ماتيو الفاريز سيرنا، الكاهن الجديد لبطريركية القدس للاتين، الذي نال تنشئته في معهد “أم الفادي” الإكليريكي في الجليل، رتبة الكهنوت الموقر من خلال وضع الأيدي لرئيس الأساقفة بييرباتيستا بيتسابالا في ٢٤ حزيران الماضي في عيد مولد القديس يوحنا المعمدان في كنيسة بيت الجليل.
وحث المطران بيتسابالا الكاهن الجديد على أن يكون “على مثال يوحنا المعمدان معلنًا للكلمة لا يعرف الكلل، أمينا دون تحفظ في انتمائه للرب. ولتقدر ان تشع من نور الفصح من المسيح المصلوب والقائم. لتكن عطية، وتقدمة، وحياة، وفرح وتسبيح، هذه الدعوة التي من كنيسة القدس الى الكنيسة الجامعة، كن شاهدا أمينا للفصح”.
الرسامة الكهنوتية لماتيو الفاريز سيرنا داخل اطار عيد القديس يوحنا المعمدان، أقيمت في بيت الجليل بأجواء فرح عظيم، وعائلته التي شاركت عن بعد لم تستطع الحضور بسبب وباء الكورونا، ولكن عن طريق وسائل تواصل الانترنت استطاعت متابعة الاحتفال عبر البث المباشر. شارك بالاحتفال المطران بولس ماركوتسو، وقدس الأب أكثم سابا حجازين، كاهن رعية الرامة للاتين، حيث مارس الاب ماتيو خدمته الشماسية، وقدس الاب يعقوب رفيدي، رئيس المعهد الاكليريكي البطريركي في بيت جالا، وغيرهم الكثير من الكهنة.
شارك بالاحتفال أيضا اخوة جماعة طريق الموعوظين للاب ماتيو من قرية عيلبون، والاخوة والاخوات الذين يقدمون الخدمة في بيت الجليل والاكليريكية، والراهبات.
الأب ماتيو هو الثاني من تسعة أبناء، في مرحلة المراهقة عاش أزمة ابعدته عن الله والإيمان الذي حصل عليه من والديه. لكن خبرة الصلاة والعمل في الأرض المقدسة وفي بيت الجليل أعادت له السعادة وكرامة الابن المحبوب من الله، مما جعلته يكتشف دعوته الكهنوتية.
“أيها الرب الآب القدوس الله الكلي القدرة السرمدي صانع كرامة الإنسان وموزع جميع النعم” بهذه الكلمات وبعد طلبات القديسين ووضع يدي الاسقف دعا روح القداسة ليحل على ماتيو الكهنوت الموقر، ليقتدي به الجميع ويقودهم في سيرة حياة كاملة.
هذه الصلاة من رتبة الرسامة أظهرت عمل النعمة حتى الآن في الشاب التي جعلته اليوم عطية من أجل الكنيسة. الدعوة لنقل الإعلان ونور الفصح لكل الأمم جذورها في أورشليم، والمعنى الحقيقي للرسامة الكهنوتية كانت مركز العظة. المطران بيتسابالا توقف عند دعوة ارميا في القراءة الأولى (من ليتورجية عشية العيد).
قال المطران: “عندما اختار الرب ارميا وضعه بجانبه وفصله عن الاخرين وهذا ينطبق علينا جميعا واليوم بشكل خاص من أجلك. أنت هنا لأنك تكرست وقررت بكامل حريتك ان تقبل طلب الرب”. استمر المدبر الرسولي في عظته مفسرًا معنى الكهنوت: “مؤكدا بأنه امتياز وعطية” ولكن الانتماء لله يعني : “الرب اختارك لهدف خاص ولهذا فلن تستطيع ان تعمل ما تشاء، حياتك ليست ملكك، كيانك يجب ان يُظهر هذا الانتماء، لا يفرض عليك ان ترضي الكثير من الناس بل يجب قبل كل شيء أن تُرضي الله، لأنك تنتمي له ولأجل ذلك قد فُصلت بعض الشيء نسبة للآخرين”.
لم يخبئ المطران بيتسابالا أي صعوبة، متوجها بكلامه من اب لابن: أنت ستذهب إلى الذين أرسلت إليهم” يقول الرب لارميا النبي.
لهذا: لا تذهب أينما تريد بل يجب عليك أن تطيعه وهو يعطيك الإشارة، والارسالية لا تخصك لأنك انت أداة في يد الرب لا أكثر.
أضاف ” لكل من ارسلك له تذهب وكل ما امرك به تقول” في العظة قبل كل شيء عليك ان تتكلم بما تقول لك كلمة الله، اذا كنت امينا في الكهنوت وتتكلم بكل ما يأمرك الله ان تقول – هناك أمور لا يطيق العالم سماعها، ولكن يجب ان تقال لأنها تنتمي الى الله – فان كنت امينا على هذا ستتألم وتكون وحيدا ومن الممكن ان تضطهد ولكنك دائما ستنتمي لله، ستعلم بأن هناك حدودا لا يقدر ابليس ان يتخطاها ورغم كل شيء الله لا يتركك: لا احد يقدر ان يفصلك عن هذا الانتماء وأيضا” في أسلوب تكلمك يجب ان تدوي كلمة الله وليست كلمتك والا ستجعل الناس تلتف حولك فيجب حمله الى يسوع، ولا ان تربطهم بك وهذا يتطلب عزلة شديدة، فلكي تكون راعيا يجب ان تتعلم الوحدة”.
وفي تعقيبه على نص الإنجيل حينما بشّر الملاك زكريا، شدد المطران على العمل الذي يمارس في هيكل أورشليم مذكرا ماتيو بما انه كاهن ينتمي الى كنيسة القدس، فهي ليست فقط مكانا ارضيا وانما كنيسة القدس هي كنيسة الام ولها دعوة خاصة بأن تكون نورا للأمم كالنبي ارميا، الذي أرسل إلى جميع الأمم، ليأتوا ويشاهدوا أورشليم.
كذلك أظهر المطران بيتسابالا انه: “في أورشليم السماوية لا يوجد الهيكل وانما مكانه يوجد الحمل، ضياء أورشليم يأتي من الحمل الذي هو الفصح ومن مدينتنا في اورشليم أي في الأرض المقدسة هنالك الكثير من الجروحات وكثير من الانقسامات، ولكن يجب ان يكون نور الفصح من المسيح المصلوب والقائم”
من هنا حث ماتيو قائلا: “يجب ان تشع من نور الفصح ليس فقط كونك تحتفل بالافخارستيا بل لأنك ستكون الافخارستيا، ستكون العطية والتقدمة والحياة والفرح والتسبيح، هذه هي دعوة كنيسة القدس الى الكنيسة الجامعة فكن شاهدا أمينا للفصح.”
دعوة الكهنوت يعبر عنها داخل الشعب حتى لو هذا لم يفهم دائما. “ضع كيانك جانبا وجد التعبير في بذل ذاتك للشعب اجمع، هكذا كما هو. في ذلك الجزء من الشعب الذي وُكِّلَ اليك، هناك حافظ على الملكوت”.
“تستطيع ان تفهم جميع ما قلت اذا صليت” ذكر المطران ما قيل له عندما كان حارسا شابا للأرض المقدسة من قِبل كاهن عجوز: تذكر اذا اردت ان تعمل كثيرا من الأمور اول شيء عليك ان تركع. استمر المطران قائلا: “أول شيء يقوم به الكاهن هو الصلاة، انتماؤك يجب أن يُغذى. الصلاة هي المكان الذي تغذي بها العلاقة مع الرب، اين كيانك المكرس، قوتك وامانتك يأتيه القوت والدعم”.
المعمدان دعي لكي يرد بقلوب الآباء للابناء ويُعِدُّ للرب شعبا متأهبا، هنا تكمن دعوتك ودعوة الجميع: ان تعد للرب شعبا متأهبا متوجها نحوه” بالنهاية نبارك للكاهن الشاب ونصلي للروح القدس ليرافقك ويعطيك القوة حتى تكون على مثال يوحنا المعمدان الذي لا يعرف الكلل، أمين دون تحفظ بانتمائه للرب.
صعب التكهن متى كانت اللحظة الأبهر في الليتورجيا. حالما الاب ماتيو ارتدى البطرشيل والثوب والتفت نحو الجماعة المحتفلة مع اذرع مفتوحة كان واضحا حتى من بعيد نور البهجة التي انارت عينيه ووجهه.
قبل ترتيلة العذراء مريم نوكل الكاهن الجديد الى حمايتها، أراد المطران بييرباتيستا بيتسابالا ان يشكر المنشئين: “قبل كل شيء اريد ان اشكر العائلة والجماعة التي نشأت من خلالها على الإيمان”.
ثم توجه للاب ماتيو قائلا: “إن تنشئة كهنة المستقبل هي خدمة في غاية الأهمية. إن الجيل القادم الذي ننتمي اليه يعتمد على كيفية عيشكم لهذه السنوات”.
وفي النهاية توجه بكلمة شكر الى رئيس معهد أم الفادي الاب فرانشيسكو فولتاجو وجميع المنشئين قائلا: شكرا على صبركم وخدمتكم الثمينة لأجل الكنيسة.