إنَّ الرسالة التي تَنطلقُ إلى أقاصي الأرض ما زالت تَمُرُّ في الناصرة، حيثُ نشأ يسوع في مدرسة مريم ويوسف. هذا ما حدث يوم السبت الموافق 14 حزيران مع الشمامسة الأربعةِ، الَّذين رُسِموا كهنةً في كنيسة البشارة، في يوم عيد الثالوث الأقدس، بعد أن تَمَّ إعدادهم لسرّ الكهنوت في إكليريكيَّة أمّ الفادي في الجليل.
ترأَّس الاحتفال غبطة بطريرك القدس للاّتين، المونسنيور فؤاد طوال. واشترك في الاحتفال الأسقف المُساعِد والنائب البطريركي في إسرائيل، المُقيم في الناصرة، المونسنيور جاشينتو-بولس ماركُتسو.
إنَّ الكهنة الأربعة، الذين نالوا دعوتَهُم من الربّ خلال مسيرتهم في طريق الموعوظين الجديد، سينخرطُون في بطريركيَّة القدس للاّتين، وهم في الوقت ذاته مُرسَلون، مُستعدُّون لأن يُرسَلوا لأيِّ مكانٍ في العالم، وخاصَّةً في الشرق الأوسط، لِخدمة التبشير الجديد.
يُمكِنُنا أن نقتفي آثار وعلامات الرسالة على طول الطريق الذي قادهم إلى هذه المرحلة الحاسمة. داڤيدي ميلي، الذي يبلُغ الثلاثين من العُمر، هو الأوَّل بين أحد عشر أخًا في عائلته، درس التصميم المعماري وعاش منذ طفولته في الولايات المُتَّحِدة، لأنَّ عائلته كانت مُرسلة هناك. في السنة الأخيرة من تحضيره للكهنوت، خَدَم في رعيَّة الحصن في الأُردنّ. أمَّا پاولو ألفييري، البالغ من العمر تسع وعشرين سنة، فقد قدَّم خدمته الشمَّاسيَّة في شفاعمرو، في الجليل. وأمَّا المُرتَسِمَيْن الآخرَين، مِن أمريكا اللاتينيَّة، فهما من عُمرٍ واحد: خوان داڤيد أراچون بوينو، كولومبيّ الأصل، ولياندرو سيتوڤال، من البرازيل، وقد خدما كلّ من رَعِيَّتَيّ السماكيَّة في الأردنّ، وبيرزيت في فلسطين على التوالي.
كان حجيج البابا فرنسيس للأراضي المُقدَّسة لحظةً من اللحظات المُهِمَّة والأخيرة في مسار تنشئتهم الكهنوتيَّة. بالتأكيد لن يَنسَ الكهنة الجُدُد أبدًا بأنَّهم، عشرين يومًا قبل رسامتهم، نالوا شرف خدمة البابا في الليتورجيَّات التي ترأَّسها في عمّان وفي بيت لحم.
لقد كانت ليتورجيّا الرسامة بمثابة عيد عظيم للجميع وليس فقط لأهل الجليل. فقد شارك في هذا الاحتفال، عدا عن الـ 35 إكليريكي من إكليريكيّة أمّ الفادي وأقارب وجماعات المُرَشَّحين، ما يقارب الأربعين كاهنًا والعديد من المُكرَّسين والمُكرَّسات في الأرض المُقَدَّسة، بالإضافة إلى الإخوة والأخوات المُرسلين في بيت الجليل (وقد شارك مدير هذا البيت، الأب رينو رُسّي، في الاحتفال) و500 أخ وأخت من الموعوظين الجُدُد وكثيرٌ من المؤمنين الذين أتَوا من الرعايا التي تنتمي إليها الجماعات في الجليل وفلسطين والأردنّ وأورشليم.
ذكَّر مدير الإكليريكيَّة، الأب فرانشِسكو فولتاجو، في بداية الاحتفال بعظمة النعمة التي وهبها الله لهؤلاء الإخوة المرسومين، ألا وهي أن ينطقوا بكلمة “هاءنذا” في نفس المكان التي نطقت بها مريم العذراء، مُتَواضعة الناصرة.
إنَّ غبطة البطريرك، الذي وجَّه كلمة تهنئة للمرسومين جديدًا، استعاد كلمات البابا فرنسيس في لقائه مع كهنة ومُكرَّسي وإكليريكيي الأرض المُقدَّسة الذي أُقيمَ في كنيسة الجسمانيَّة، حيثُ لَفَت الأب الأقدس الانتباه إلى عدم التناسب القائم بين عظمة دعوة الله لنا وبين هشاشتنا وسرعة انكسارنا. بعد ذلك دعا البطريرك الكهنة الجُدُد بقوّة لأن لا يخافوا: لن يكونوا أبدًا لوحدهم، لأنَّ الربَّ سيكون معهم، كما ستكون أيضًا جماعاتهم والكنيسة في الأرض المُقدَّسة .
تلت الاحتفال وليمة بَهجة، أفرحها حضور المونسنيور ماركُتسو، الذي قدَّم هديَّةً للكهنة وهنَّأَ عائلاتِهم بكثير من العطف، كما أبهجتها أغاني عربيَّة وبمُختَلَف لُغات العالم.
إنَّ الثلاثين يومًا الأخيرة، وقد بورِكَت بزيارة البابا، كانت أيّامًا استثنائيَّة حقًّا لإكليريكيّة أم الفادي، التي تستقبل إكليركيين من الكنائس الكاثوليكية الشرقيَّة. في 18 أيّار، في ليتورجيَّة ترأَّسها المونسنيور يوسف جول زريعي، مطران القدس للروم الكاثوليك، وبحضور المونسنيور موسى الحاجّ، رئيس أساقفة حيفا والأرض المُقدَّسة للموارنة ، تَمَّ منح رتبة القارئ لاثنين من الجليل، وهما شادي جوزين من معليا ورامي دكور من فسوطة، بينما رُسِمَ رودي نورا، وهو شابٌّ لُبنانيُّ الأصل يُقيمُ في إسرائيل، مُرنِّمًا وقارئًا بحسب الطقس المارونيّ.
پيير لويجي فورناري، صحفيّ
Avvenire، إيطاليا
More photos: https://picasaweb.google.com/medialpj/OrdinazioniPresbiteraliANazarethSeminarioDomusGalileae